قصة حياة الطفل ابانوب عاطف .
ولادته :
لم يكن حدث ميلاد الطفل ابانوب عاطف في 5/4/1993 بالأمر العادي، إذ هومختار ومفرز من الله رغم قصر حياته الأرضية لرسالة روحية عظيمة . وهذا يتضح جليا من محاربات شيطانية مرت بها والدته منذ أن حملت به، وعنهذا يقول القمص مويسيس نظمى المعاصر للأسرة منذ خروج الجنين إلى الحياة : "وهى حامل فيه كان جالها زى حروب كده انه حست أن فيه حاجة بتخنقها وبتموت البيبى جواها وأنا رحت علشان أنا ماسك المنطقة فصليت لها لقيتها وقعت منى وأنا بصلي، عرفت أن فيه زى عمل معمول لها، عاوز يخنق البيبى وهو جواها – فأنا لما عرفت أن الحالة صعبة كده صليت صلاةالقنديل، وبعد صلاة القنديل شفيت وراقت جدا – فيبدو أن ابانوب كان اتحاربمن عدو الخير وهو لسه جنين في بطن أمه".
خـتانه :
وكعادة الصبية عند الولادة تقدمت أسرته إلى أحد الأطباء لختانه لكنالطبيب عن دون قصد جرح جزءا لا يذكر في مجرى فتحة البول، تسبب في التهاباتكبيرة غطت فتحة البول وأصبح التبول مستحيلا، الأمر الذي كان يجعل أسرتهتحاول تسليك هذه الفتحة بإبرة كر وشيه للمساعدة على التبول. و كم كان طفلهم يتألم لهذا الوضـع، وبخاصة أن هذه العملية كانت تستغرقوقتا يتجاوز النصف ساعة. وكلما كان الوقت يكبر كانت الالتهابات تزيد وتسوءحالته أكثرحتى أن كل الذين ينظروه، يظنون أن ذلك حرقا ولم يجزموا بأنهخطأ طبي عن دون قصد .
ومن طبيب إلى آخر كانت الأسرة تجول به، حتى تمت معالجته بصبغة اليودالتي زادت من تشقق اللحم وأصبح مكان عضو مجرى البول مجهولا ولم يفلح فيهعلاج.؟؟
عمــاده :
هرولتالوالدة مضطر بة إلى أبينا القمص أرسانيوس جمال، ليرى التقرحاتوالالتهابات حول مجرى البول، فقام بتهدئتها في حكمة أبوية وإيمان بفاعلية أسرار الكنيسة، طلب منها أن يعمده في الغد، وبالفعل عمده أبونا ودهنه بالميرون بعدهاقامت والدته بمناولته وأصبحمتسربلا بثلاثة أسرار في يوم واحد .... وفى نفس اليوم ......، سمع والديه صوت ارتطام بالأرض – فكان هو الذيوقع من فوق السرير ! كيف هذا وهو حديث الولادة – وكيف تحرك وسقط على وجههبهذه الطريقة؟ هنا وزادت الدهشة – بالمعجزة الإلهية، فقد شفى الولد تماما من أثر التشوهات والالتهابات، كما لو كان قناعايرتديه وسقط توا.
أعماقه :
بشهادة كل الذين عرفوه من داخل أسرته أو كنيسته، أجـمـع الكل على انهلم يكن طفلا عاديا كباقي الأطفال، بل كان فكره ومشاعره وروحياتهوسلوكياته تعلو بكثير عن سنه وترتقي إلى حالة من السمو الفائق في علاقته بربنايسوع المسيح .
هذا وقد عاصر الأب " مويسيس " نمو هذه البذرة الصغيرة داخل أحضانالكنيسة بفعل رعاية صالحة من والديه فقال : (وزى أي أسرة – أول طفل بيبقالوابهجة كبيرة قوى ،ابتدأ الولد يكبر شوية بشوية، وكان أبواه يعودونه علىالصلاة فكان يقف يصلى معاهم، وأمه كانت الحقيقة مصممة على انه يبقى لهعلاقة قوية بربنا.
بعد كده الولد كان مواظب على حضور القداسات ،وأمه كانت تيجى الصبح وهوفي الحضانة وتخليه يخش يصلى وكمان كان بيعترف في سنه الصغيرة دي " في سن 6 سنوات " وكان بيعترف عند أبونا ارميا صحيح ما بيعترفش عندي لكن ساعات كان يصلى معايا في الهيكل، والشيء الحلو انه كان دايما يرفض يشربمن الصينية علشان خاطر يروح يناول مع أبونا بعض المرضى – ما كنش يحب يصرف المناولة طبعا .
**كما تحدث عنه أب اعترافه فقال في 3 نقاط مهمة جدا لاحظتها في حياته :
(1) هو أصغر معترف عندي :
وهو اللي شدني انه كان في اعترافه يبقى قريب من الكبار، كنت تحس انهفاهم إيه هو الاعتراف ؟!! تحس انه مش زى العيال، لكن كان يحس انه عاوزيتكلم ويفضفض .
(2) وقـفته في المذبــح :
كانت وقفة ناس كبيرة، مش من العيال اللى تلعب أو تقلع التونية بعدماتلبسها وتبكى على شئ ما، كان شماس كبير يحاول يفهم – ويقرب من أبونا مشإحساس طفل أبدا.
(3) نقطة فريدة :
أنا ماسك خدمة المرضى، وفى غالبية القداسات يبقى فيه مناولة مرضى في البيت ولو ما أخذ توش في أي يوم معايا يزعل ويعيط، لأنه عاوز يأخذ بركةالمرضى وهو صغير كده – هو ما كانش عادى بالنسبة لسنه.
وأما ما تضيفه أسرته وخدامه بالحضانة ومدارس الأحد فهو أمر مثير للتعجب ... مفاهيم روحية ... واشتياقات عجيبة .... تتعجب كيف تجتمع في طفل بهذاالعمر؟!
(1) عاوز أحب ربنا زى القديسين ؟! عاوز أروح السما عند بابا يسوع
+ هذه كلمات كان يرددها ابانوب باستمرار، بل إنها قد استحوذت كلية علىحياته وسلوكياته وفكره، فما كان يشغله إلا كيفية الوصول إلى بابا يسوع؟!
ووالدته تذكر جيدا ضمن أحاديثها معي تلك اللحظات التي مرت بها عند انتقال والدها وقالت وسط دموعها المتساقطة "كنت بأسعى أنهم يترهبنوا هو وأختهالصغيرة مريم لما يكبروا وأوصلهم للسما، لكن ما كنتش اعرف أن ابني هيروحالسما بالسرعة دي، وكان دايما يسأل عن أقصر الطرق التي توصل للسماء" .
ولأول مرة يشوف مراسم موت كاملة .... لما جده انتقل .... يومها بس .... عرف أن الموت هو الجسر الوحيد للوصول، فكان بيفكر على حسب درجة وعيهالصغيرة في الموت بأى وسيلة علشان يطلع فوق!!.
ويضيف والده : كان دايما يسأل هي الحمامةأسرع ولا الطيارة في الوصولإلى بابا يسوع ؟!!! وبمرور الوقت شاهد الصاروخ في التليفزيون وهو شايل القمرالصناعي وعرف انه أسرع من الطيارة، فاتنطط وقتها من الفرح وقال : أنادلوقتى عرفت – هو الصاروخ – اللي ممكن يوصلني بسرعة عند بابا يسوع ولكن زعلبعدها، لما عرف انه مش نافع برضه، وكان دايما بيتمنى الموت علشان هوالنتيجة الوحيدة لخروج روحه وصعودها للسماء .... بأي وسيلة .... المهم يطلع، فكنا نفهمه أن ده غلط، ولو موت نفسه الشياطين هي اللي هتأخذه مش الملايكة، لدرجة انه مرة قال لصديقة والدته هعمل سلم وأطلع عليه للسما، عند بابا يسوع).
+ وقال لخادمته يا ميس نفسي أطلع السما فردت عليه ( اللي يطلع السما لازم يبقى كويس وما يعملش شقاوة)فقال : ( طيب أنا لو رميت نفسي من الشباك أروح السما) قالت له : ( لأ دهيسوع يزعل منك – وفهمته أن ده غلط) فقال : ( طاب ازاى أروح السما)قالت له : ( تسمع الكلام وتبطل شقاوة وتكون دايما في الكنيسة ) . وعلىفكرة الموضوع ده كان بيتكرر كثير مع خادمات الحضانة.
عــزيـــزي – يا لعجب ما سمعنا عن هذا الطفل، وأنى أضع أمامك الآن ماقاله الأب مويسيس من عبارة موجزة : ( ابانوب ملاك أصر على اختيار السماء) فتلك الكلمات وهذه الإشتياقات الصادقة كانت كافية بهز عرش السماء وإذابةقلب الله الحنون لتحقيقرغبة ابنه وحبيبه [ ابانوب ].
(2) كبر الصبي شيئا فشيئا داخل حضن المذبح الأسرى برعاية صادقة،
وقدألم بسير كثيرا من الشهداء والقديسين وكان يتأمل منهجهم وحياتهم ومحبتهمللمسيح، وكانت له موهبة في قص أعمالهم ومعجزاتهم باستمرار، وكم كان حزنه – لأنه لا يوجد استشهاد في هذه الآونة ؟! حتى يتعذب على اسم الرب، وكانيقول : ( يا خسارة مفيش عذابات دلوقتى، طيب أكون قديس ازاى ) وفى براءةكان يتساءل ازاى مار جرجس عنده [ 7 ] أكاليل، بيلبسهم ازاى ؟! ! فكانوالديه يجيبوه حسب طبيعة وبساطة عقليته ويقولوا : زى ما يكون واحد عنده هدومكثيرة وبيبدل فيها، وكانت آخر سيرة قرأها – الطفل الشهيد فيلوثاؤس.
(3) كان يسأل فيما يراه غريبا من حوله ؟!
وأهله جاهدين يفسرون على قدراستيعابه الكثير من الأمور التي كانت تشغل تفكيره، فها هي أنظاره تتجهنحو صورة الصلبوت وبدأ فكره ينشغل ويمسك منديلا ويمسح آثار الدم العالقةبجبين المخلص، متأثرا غاية التأثر بالجراحات، وبعدها يتنهد بشدة – ثميستريح، كما لو كان فعل ما أراحه وأرضاه، ثم تبدأ سلسلة الأسئلة ….. لماذا الدم ؟!…. لماذا الشوك ؟!.....العذاب ؟!...... المسامير؟!وما الذي عمله يسوع لينال كل هذا ؟! أما كان يستطيع إهلاك هؤلاء اليهود؟! فكان والديه يجيبانه : ( أن الناس الوحشة ضربوا بابا يسوع وعوروه، وبعدكده خف وبقى كويس) فكان يجيبهم : ( طيب وإحنا نسيبهم؟!) وظل يحمل ثائرا داخله تجاه صالبيه حتى انتقل وهو على أمل بأخذ هذا الثأر.
(4)الملاك الحارس :
في أحد المرات وهو سائر مع خادمه بمدارس الأحد ليلا ؟! سأله : ( إنتمش خايف بالليل لوحدك؟!) فأجابه ببساطة تلقائية ودون تفكير : "أخاف ازاى والملاك الحارس معايا" افضحك الخادم من الرد وقال له : " انت خلتني في نصف هدومي يا ابانوب.ولما حكى الخادم لأخوته الخدام، ما حدث مع هذا الطفل، قالوا :" دهإحنا ولا حاجة، وما ننفعش نكون خدام جنب إيمان الأطفال".
تجربته :
في الآونة الأخيرة بدت عليه أعراض التعب فشحب وجهه و ضعفت بنيته و كان يشتكى من احشائه و لم يستطيع الذهاب الى المدرسة و زادت شكواه بالتهاب حلقه فشخصت الطبيبة حالته أنها نزلة معوية و التهاب في الحلق و أمرته بالراحة لمدة يومين مع ما كتبته من أدوية، و لوحظ عليه كثرة الشراب و التبول مع عدم الأكل، و لم تتبين أسرته خطورة الحالة فرأوا أن يرجع المدرسة و يمارس حياته الطبيعية حتى يخرج مما هو فيه، لكنه تعب في المدرسة و رجع منها بأمر مدرسيه، و في الطريق اختل توازنه و سقط فحمله المارة الى والدته بالحضانة التي ذهبت به على الى المستشفى الحميات و ظل محجوزا بأحد العنابر لمدة يومين فساءت حالته للغاية لسوء الرعاية و التشخيص فأجمع الأطباء على ضرورة أخذ عينة لتحليلها للاشتباه في إصابته بحمى شوكية في المخ لكن ظهرت نتيجة التحليل بعدم إصابته بالحمى و ارتفع السكر عنده فحولوه الى العناية المركزة بمستشفى الدمرداش و امتلأ جسده النحيل بالأسلاك و المحاليل، و توقف قلبه 3 مرات و نتج عن ذلك ارتفاع السكر "تسمم الدم" فسبب : (فشل كلوى و ارتشاح بالمخ، و عدة جلطات، و صعوبة في التنفس) و انتفخ جسده و تورم و كان في غيبوبة كاملة و قال أب اعترافه "اكثر منظر أثر في وهو في العناية المركزة كنت حاسس انه طفل ملاك نايم لكن الألم اللى شافه ألم صعب و هياخد عليه إكليل رغم صغر فترته.
نياحته:
انطلقت روحه البارة في يوم الأحد 12/11/2000 و هو الذي طالما اشتاق لهذا اليوم، و أصر آب اعترافه أن يدفن في تونية بيضاء جديدة زى ما كان بيحب لبس الشمامسة و لما جاء أبونا يغسله وجد ملامحه هادئة جدا و مبتسم بصورة ملائكية، ويقول أبونا " لما لبسته التونية كان لازم اشيله علشان أخرجه و أضعه في الصندوق الذي خارج الحجرة و لأنه صغير لم اجعل أحد يشيله معي فحضنته و حصل و أنا بأحضنه إن ذراعه حضني. أنا حقيقي ساعتها اتهزيت لأني حسيت أن ابانوب لما حضني كان بيودعنى".
التعزية:
اتصل والده من المستشفى صباحا ليخبر أخته بانتقال ابانوب فأعلمته أنها تعلم ذلك عن طريق رؤية للسيدة العذراء إذ وقفت تصلى أمامها و تتشفع بها قائلة "يا أم النور و انت مسافرة أسيوط تظهري هلي بنورك على ابانوب و اشفيه" فرأتها في وضع الظهور و قد حملت بين يديها ابانوب و في طريقها نحو السماء، فأدركت أن ابانوب قد انتقل .
و رسالة أخرى من العذراء كانت الى إحدى صديقات والدته إذ جاءت لها العذراء في حلم قائلة لها "روحي لأبونا ارميا (آب اعتراف ابانوب و كان حزينا جدا لانتقاله) و قولي له ما تبكيش لأن ابانوب معايا و في حضني"
الثالث لانتقاله :
قبيل انتقاله ب15 يوما حكى لوالديه عن ذلك الحلم الذي رآه فقال "حلمت إني فوق عند بابا يسوع في مكان جميل جدا و واسع و فيه كرسى واحد و البابا شنودة ماشى علشان يقعد عليه فجريت و سبقته و قعدت عليه قبل ما يقعد هو و كنت بضحك إني فزت بالكرسي و سبقته". ويومها قال له أبوه "حتى في أحلامك شقى" و تذكروا تلك الرؤية في اليوم الثالث لانتقاله و كان يوافق عيد جلوس قداسة البابا على الكرسي المرقسى (14 نوفمبر).
بشرى أم الغلابة :
كان أبانوب مغرما بسيرة القديسة أم عبد السيد و كان يحفظ بعض صلواتها الخاصة و في زيارة أبونا ارسانيوس و بعض الخدام للتعزية تعرف الجميع على سيرة أم الغلابة من خلال أحاديث والديه فكانت مكافأة أم عبد السيد لهم هي رؤيا لإحدى صديقات والدته اسمها "سامية" التي حلمت أنها كانت تحكى لأم عبد السيد عن ابانوب و مرضه و وفاته فقالت لها القديسة "الولد ده صورته معايا" فردت سامية "مش ممكن" فقالت لها أم عبد السيد "طيب ها اوريكى صورته" و أخرجت من جيبها عدة صور كان من بينهم صورة ابانوب وقالت لها "مش هو ده؟".
أحلام و أنوار:
حدث بعد انتقاله أن رآه كثير من محبيه في أحلام مختلفة. كما حدث أثناء قراءة إحدى معارف الأسرة لسيرته في منزلها أن فج نور قوى اكثر من مرة رأته هي و أولادها.
بركة صلوات هذا الملاك الطاهر تكون معنا جميعا آمين.
منقووووووووووول